المذيع: ما أظن أنه الضمير، ولكنها تخاف أحياناً من بعض الأمور، وهي في لحظة تستطيع القضاء على الفلسطينيين؟
الشيخ: إسرائيل لا تعرف ضميراً ولا أخلاقاً ولا قوانين دولية ولا أي اعتبارات، لو كان لدى إسرائيل ومن ورائها أمريكا إمكانية أن ترمي غزة في البحر وأن ترمي الضفة الغربية وتطحنها بأي شكل ما ترددت فيه.
القضية أكبر من هذا، إذا آمن هذا الأخ الذي يقول مثل هذا الكلام أن الجيوش العربية مجتمعة لن تبلي في اليهود بلاء مخيم جنين، فلا بد أن يحسب حساب أن هذا الكلام الذي يقوله خطأ، وأن هذه افتراضات خيالية، الحقائق والواقع تقول غير ذلك، الانتفاضة نقلت المعركة إلى قلب تل أبيب .. إلى الموانئ .. إلى عمق السوق .. إلى المطار الدولي في إسرائيل، الطيارون الغربيون يأتون في الرحلات، وما بين الرحلات يرتاح في قبرص ثم يرجع ويأخذ الركاب، لأنه لا يجد أماناً في فندق في إسرائيل، فالإسرائليون يعيشون في مجتمع ذعر، مجتمع يسيطر عليه الرعب بعد الانتفاضة.
الجنود يعانون أشد المعاناة، حركة رصد الخدمة العسكرية لا يمكن أن تكون في دولة أو في جيش قوي قادر على أن يسحق أعداءه في أيام، بماذا وعد شارون؟ وعد بمائة يوم فقط، وهذا عندما ترشح للانتخابات، طلب مائة يوم مهلة حتى يقضي على الانتفاضة، وتمر المائة والألف وزيادة، وها هو رغم أنفه يعترف بأن هناك طرفاً آخر، وأنه لا بد أن توقع معه هدنة، وأن الهدنة قنبلة مؤقتة.
يقولون: إنه قُتل في فيتنام ثلاثة ملايين فيتنامي وخمسين ألف أمريكي، ولكن في الحقيقة لو نظرت إلى الانتفاضة المباركة، أول ما بدأت كانت قريبة من هذه النسبة، فبدأت بواحد إلى خمسين، يقتل يهودي مقابل خمسين فلسطيني، وتطورت الأمور في خلال سنتين أو أقل حتى أصبحت النسبة تقريباً تكاد تكون ثابتة (3:1) وفي الشهر الماضي -وحصل هذا أيضاً في الشهر نفسه من العام الماضي أو في مارس السنة الماضية- بلغت النسبة (1:1) وأحيانا تزيد.
وهذه قضية خطيرة لا يدركها كثير من الناس، وأيضاً الذي يقتل من اليهود يقتل وهو ضابط، يقتل وهو في رتبة عالية، يقتل وهو في وضع محصن، يقتل وهو في داخل مدن إسرائيلية كما تسمى ......
المذيع: وما تدفعه إسرائيل على الفرد أكثر مما يدفع في فلسطين على الفرد.
الشيخ: بالضبط. أما الفلسطيني فيقتل وهو طفل، وهي امرأة نائمة، جاءت الدبابة ومن أي نافذة -كما اعترف أحد الجنود- مفتوحة أطلق النار عليها، فيموت مثل هؤلاء الأطفال الذين رأيناهم وغيرهم كثير.
عندما تقارن هذه النوعية وتقارن الإمكانيات (1:1) تكون خارقة! معجزة! إعادة لمفهوم الكرامة، عند أهل السنة والجماعة، ليس كما يدعي الخرافيون وأمثالهم أن الكرامة أن تطير في الهواء أو تمشي على الماء.
فكرامة الإمام البخاري أنه ألف الصحيح، وكرامة الإمام أحمد أن الأسواط التي جلدها أصبحت معلماً للثبات على الحق في التاريخ كله، كرامة الأمة الفلسطينية والشعب الفلسطيني البطل المجاهد أنه يقف أمام أعتى وأخبث دولة ووراءها أقوى دولة في العالم، ومع ذلك تجد هذا الصمود وهذا التحدي وهذا الإباء.
يقول أحد المعلقين وهو أستاذ في العلوم العسكرية في الجامعة العبرية (يهودي): إذا أردتم المقارنة الحقيقية فانظروا إلى حالنا عندما يُقتل منّا وعندما يُقتل منهم، يقول: نحن جنائزنا نواح، يبكي الضباط، ويبكي الأفراد، ويبكي الكبار، وجنائزهم تحدٍ وإصرار على كسب المعركة.
المذيع: وهذا فرق.
ويقول في موضع آخر: مشكلتنا نحن أن الذين يقتلون خارج العملية أحياناً أكثر من الذين يقتلون ضمن العملية، الشاب اليهودي والأسرة اليهودية تفتح الإذاعة والتلفاز في تل أبيب فترى حادثة انفجار في القدس فيغمى على بعضهم ويصاب بالسكتة وهو بعيد عن الحادث!
بينما الفلسطينيون كما نلاحظ دائماً عندما يقع إطلاق قذيفة صاروخية يتجمعون حولها ويهتفون، إذاً هناك إرادة مختلفة، وهذه هي الفوارق والمعالم الحقيقية وليست قضية الإمكانيات، وأنا لا أعتبر أن إسرائيل تمنعها عوائق عن اجتياح المدن، بل هذا كلام غير عملي.